ليلة القدر هي ليلة ربانية خالصة، ففيها تتنزل الملائكة وتهل الرحمات والهبات الربانية على العباد، وأدلة ذلك قوله -تعالى- “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ” سورة القدر.
هذه الليلة جعلها الله مجهولة، إلا إنه من رحمته أنه منح للنبي علامات يمكن من خلالها الاستدلال حول ليلة القدر، لذا نذكر لكم علامات ليلة القدر الصحيحة في الآتي:
أولًا: توجد في آخر عشر أيام من شهر رمضان
ليلة القدر قد تكون في أي وقت، إلا أن أغلب الظن أنه يجب أن يلتمسها المسلم في آخر أيام من شهر رمضان، حيث ورد في صحيح الإلمام البخاري: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”، لذا إذا أغفل المسلم عن أول رمضان وأوسطه فلا يجب أن يغفل عن آخره.
هذا الحديث دليل قاطع يثبت بطلان الكلام المتوارد حول أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرون من الشهر الفضيل، حيث يقوم البعض بمحاولة إحياء هذه الليلة في المساجد اعتقادًا منهم أن هذه الليلة هي ليلة القدر، ويتبع ذلك العديد من البدع من البكاء عند الأضرحة وتنظيم المسيرات والتجمعات في الشوارع.
كل هذا من مظاهر البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ونزيدكم من القول إثباتًا آخر وهو حديث آخر ورد في صحيح الإمام مسلم يفيد بأن: “رَأَى رَجُلٌ أنَّ لَيْلَةَ القَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أَرَى رُؤْيَاكُمْ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فَاطْلُبُوهَا في الوِتْرِ منها” لذا هذا قول واضح من خاتم الأنبياء لا يحتاج على شرح.
بناءً على هذا يجب تحري هذه الليلة في آخر 10 أيام من الشهر، ونعم إن الأفضلية تكون للأيام الفردية، إلا أن حسابات الفلك قد تخطيء بعض الشيء أو يكون هناك حساب مختلف بين البلدان وبعضهم، لهذا فزيادة في الخير ينبغي الاهتمام بكل الأيام على حد سواء.
ثانيًا: شمس اليوم التالي لا شعاع لها
إحدى علامات ليلة القدر الصحيحة هي أن الشمس التي تظهر في صباح اليوم الذي يلي ليلة القدر تكون بيضاء اللون، حيث ورد في ذلك حديث شريف في صحيح مسلم هو: “تَطْلُعُ يَومَئذٍ، لا شُعَاعَ لَهَا”، هذا لا يعني أن الشمس طوال اليوم لا شعاع لها، ولكن عندما تطلع أول اليوم لا يتم رؤية أي شعاع لها.
ثالثًا: شمس اليوم التالي تكون بيضاء
من علامات ليلة القدر الصحيحة ما جاء في صحيح ابن حبان عن الرسول (ص) أن الشمس هذا اليوم بيضاء اللون، وذلك في الحديث: “وأمارتُها أنْ تطلُعَ الشَّمسُ في صبيحةِ يومِها بيضاءَ لا شعاعَ لها”، لذا بناءً على هذا يتم تحري الشمس في الـ 10 أيام الأخيرة من الشهر كل عام، وذلك للتيقن من موعدها.
هذه الخطوة تأتي بعد انقضاء الليلة، الأمر الذي لا يساعد بشيء على من فاتته، بالبعض يظل مشدوهًا منتظرًا أن يعلم انه أصاب الليلة أم لا، ثم ما إن اطمئن أنه أدركها أهمل وتكاسل، وقد تكون الحسابات خاطئة أحيانًا، مما يحثنا على ضرورة تحري الأيام وعدم الركون كثيرًا لتتبع العلامات.
رابعًا: ليلة معتدلة المناخ
هذه الليلة ليلة سلام، وكأنها نفحة من نفحات الجنة التي وعد الله بها عباده المؤمنين، حيث ورد في وصف الجنة في القرآن الكريم: “لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا” سورة الإنسان الآية رقم 13.
من علامات ليلة القدر الصحيحة أن هذه الليلة حرارتها لطيفة معتدلة، وبالنسبة إلى الحديث الذي تم الاستدلال منه على أن الليلة معتدلة الحرارة هو ما ذُكر في صحيح الجامع أن ورد عن الرسول (ص):
“ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ” لذا فهذه ليلة نسائم هادئة، وكأنها بلسم للروح، لا هي حر مرهق ولا برد زمهريرًا.
خامسًا: الإحساس بالسلام
جاء في قوله تبارك وتعالى أن هذه الليلة يعم فيها السلام، حيث ورد في سورة القدر: “سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ” الآية رقم (5)، لذا فإن المسلم المتعبد فهي هذه الليلة يشعر بالمعاني الإيمانية تتجلى في قلبه، وتسكن نفسه، ويصبح أكثر راحة واسترخاء.
لكن يجدر بالذكر أنه حتى يصل هذا الإحساس والمعنى للمسلم ينبغي أن يكون صدر المسلم خاليًا من الشحناء والبغضاء، مسلمًا أمره للذي فطره، جالسًا يتعبد ليستقبل النفحات الربانية ويشعر بها.
مصدر المــقال ;
https://www.zyadda.com/signs-of-the-night-of-virtue/
تعليقات
إرسال تعليق